السلاح النووي التكتيكي واستراتيجية الردع النووي
بقلم: الفريق الركن صباح نوري العجيلي
الأسلحة النووية من أسلحة الدمار الشامل التي تستخدم عمليات التفاعل النووي وتعتمد في قوتها التدميرية الهائلة على الانشطار او الاندماج النووي الذي يتولد عنه الحرارة العالية والطاقة الحركية من العصف والصدمة، والطاقة الاشعاعية المؤينة، وبقوة تدمير هائلة تعادل أضعاف القوة التفجيرية لمادة TNT شديدة الانفجار.
يستخدم السلاح النووي كوسيلة دفاعية استراتيجية وضغط سياسية، وبجانب الأغراض العسكرية تستعمل الطاقة النووية للأغراض السلمية أيضاً، كتوليد الكهرباء والطب والزراعة واستكشاف الفضاء وتحلية المياه.
استخدمت القنبلة الذرية مرتين في الحرب العالمية الثانية من قبل الولايات المتحدة ضد اليابان ، القيت من الجو، الاولى على مدينة هيروشيما في 6 اب 1945 والثانية على مدينة ناكزاكي بعد ثلاثة أيام ، وقد أدى ذلك الى مقتل 120الف شخص من المدنيين الابرياء في نفس اللحظة ووقوع تدمير كبير بتلك المدن وترك أثار على الانسان والبيئة.
والأسلحة النووية على أنواع هي: القنابل النووية ،القنابل الهيدروجينية والقنابل النيترونية
اهم وسائل أطلاق وإيصال السلاح النووي الى الهدف هي :
– الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز
– االصواريخ التكتيكية
– الطائرات القاصفة او المقاتلة
– الغواصات والطوربيدات البحرية
ويضم النادي النووي العالمي بالوقت الراهن: الولايات المتحدة ، روسيا ، فرنسا، بريطانيا، الصين ، باكستان و الهند . وهناك دول تمتلك السلاح النووي لكنها لم تعلن عنها وتعتمد سياسة الغموض المتعمد وهي : (إسرائيل) وكوريا الشمالية وأوكرانيا ، وتشير أصابع الاتهام الى إيران بامتلاكها السلاح النووي كونها احدى الدول التي تملك القدرة النووية .
وبعد الحرب العالمية الثانية وقع ما يقارب 2000 انفجارا نوويا كان بمجملها تجارب واختبارات نووية ولم تستخدم في الصراعات.
الأسلحة النووية التكتيكية TNW
يعني هذا المصطلح ، الأسلحة النووية صغيرة الحجم التي صممت لاستخدامها في ميدان المعركة لتدمير القوات والتشكيلات المعادية بسرعة وبوقت واحد ، وكذلك تستخدم لتدمير الأنفاق ومراكز القيادة والسيطرة والمستودعات والمنشئات الموجودة على أعماق كبيرة تحت الأرض.
وحسب الموسوعة البريطانية ،كانت الولايات المتحدة هي اول دولة في العالم تطور سلاح نووي برأس نووي خفيف، وتمتلك روسيا ( 1200 – 2000) راس نووي تكتيكي حسب تقديرات الاستخبارات الغربية .
اما الفرق بين السلاح النووي التكتيكي والاستراتيجي فيتمثل في كون القوة التفجيرية والتدميرية للنووي التكتيكي هي اصغر من تلك التي تمتلكها الأسلحة الاستراتيجية التي تستخدم ضد اهداف استراتيجية كالمدن والعواصم الكبرى، والسلاح النووي التكتيكي يستخدم في ساحة المعركة وذات اثر اشعاعي اقل ، حفاظاً على سلامة القوات الصديقة ولا سيما في حالة الدفاع عن الأراضي الوطنية.
خصائص السلاح النووي التكتيكي
– تستخدم في ساحة المعركة بشكل مباشر كسلاح هجومي لتدمير القوات المعادية واسلحتها وخلق موقفاً صعباً امام القيادات السياسية والعسكرية العليا .
– الغاية منها: ردع وإرهاب العدو والسيطرة على مجريات الصراع العسكري
– تسبب قوة تفجيرية هائلة، تدمر التشكيلات المعادية في ساحة الحرب والمعارك وتخترق التحصينات لتدمير المخازن والانفاق والمستودعات و مراكز القيادة والسيطرة تحت الأرض
– قصيرة المدى لا يتجاوز مداها 500 كم على الأرض و600 كم في الأسلحة المحمولة جواً وبحراً
– حجوم صغير ، بحجم واحد كيلو طن الذي يعادل الف طن من مادة تي ان تي وهذه قوة هائلة ولكنها صغيرة بالمقارنة مع القنابل النووية الاستراتيجية.
– تعدد وسائل الاطلاق بواسطة الصواريخ والطائرات والمدفعية والطوربيدات البحرية وقنابل الأعماق وحتى الألغام الأرضية التي تجهز بحشوة نووية صغيرة بدلا المتفجرات شديدة الانفجار.
استراتيجية الردع النووي
يتحقق الردع عندما يصل الطرف المقابل (العدو المحتمل) الى قناعة ، بأن عدوانه سيكلفه ثمن يفوق أي مكاسب يمكن تحقيقها عسكريا او سياسياً . وتستند نظرية الردع على افتراض مفاده ان القوة هي أفضل علاج للقوة، فقوة الدولة هي العامل الأساسي لكبح جماح الاخرين، ولايكبح جماح الأعداء المحتملين الا قوة أخرى مضادة ومتفوقة عليها. ومن شروط الردع توفر المصداقية في امتلاك أسلحة الردع والإرادة في استخدامها عندما يتطلب الموقف.
نظرية الردع النووي ، هي سياسة وضعت لتجنب مخاطر الأسلحة النووي المدمرة ، ولتحقيق هدفين: الأول: ردع العدو ومنعه من استخدام السلاح النووي وتجنب أثاره المدمرة التي ترتد عليه ، والهدف الثاني: رد الفعل بتوجيه الضربة المقابلة او الثانية على اهداف منتخبة ومكلفة للعدو الذي بدأ بالضربة النووية الاولى .
بدأ التفكير باستراتيجية الردع النووي السياسية والعسكرية أبان الحرب الباردة وبعد أنتشار السلاح النووي وازدياد مخاطره على الدول والشعوب ، حيث تتعرض الأطراف المستخدمة لهذه الاسلحة لأثار مدمرة لذلك لجأت الدول الى تعدد وسائل اطلاق هذه الأسلحة من الجو والبحر والبر والفضاء لردع العدو وضمان الرد الأمن بالضربة الثانية.
ونظرية الردع النووي قائمة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وأثبتت قدرتها على تخطي الازمات والاحداث التي مرت بها العلاقات الدولية ومنع نشوب الحروب المباشرة بين القطبين النوويين مثل ازمة الصواريخ السوفيتية في كوبا عام 1964 والحرب العربية الإسرائيلية في تشرين 1973.
واليوم هناك تلويح روسي لاستخدام الأسلحة النووية التكتيكية في اوكرانيا على أثر النكسات التي تتعرض لها القوات الروسية في الجنوب والشرق الاوكراني. نعتقد ان هذا التلويح ودعوات التحريض هو من اجل التصعيد لغرض خفض التصعيد ولرفع معنويات الشعب والجيش الروسي الذي أصيب بخيبة أمل في تحقيق اهداف الحملة الروسية في اوكرانيا.
ان قرار استخدام الأسلحة النووية بنوعيها الاستراتيجي والتكتيكي مسألة خطيرة ومجازفة نتائجها كارثية على الأطراف المستخدمة والدول المحيطة ، ولابد ان يخضع هذا القرار الى معايير وحسابات دقيقة تتجنب الأهواء ودعوات التحريض لاسيما وان دول عدة تمتلك الأسلحة المماثلة ولديها القدرة على الرد بضربات مقابلة عندما يتعرض كيان الدولة الى الخطر.
نعتقد ان سياسة الردع النووي صمام الامان لصالح تجنب البشرية ويلات الحرب النووية وأثارها المدمرة التي ستشمل دول عدة وتتسبب بنتائج غير متوقعة.