نظام ولاية الفقيه… حين يتحوّل التخبط إلى مصير محتوم بقلم: د. راهب صالح الخليفاوي – حقوقي وباحث في الشأن الإيراني

نظام ولاية الفقيه… حين يتحوّل التخبط إلى مصير محتوم
بقلم: د. راهب صالح الخليفاوي – حقوقي وباحث في الشأن الإيراني

من يتابع ما يجري داخل إيران اليوم لا يحتاج إلى كثير من الجهد ليرى مشهداً سياسياً وأمنياً متهالكاً ونظاماً مرتبكاً تتسارع فيه مؤشرات الانهيار. انفجارات تهز العاصمة واضطرابات تزلزل الشوارع واحتجاجات تشعل المدن وقيادة غارقة في العجز والانفصال عن الواقع. إن ما يمر به نظام ولاية الفقيه حالياً ليس سوى نتيجة حتمية لتراكمات عقود من القمع والفساد والتوسع العدواني على حساب الداخل الإيراني.

مظاهر التخبط والانهيار
في الخامس من يوليو 2025 عايش الإيرانيون يوماً صاخباً بامتياز تفجيرات مدوية في طهران أعمدة دخان تتصاعد من مواقع حساسة سيارات تحترق وسط الشوارع وارتباك رسمي يصل حد الإنكار والتكذيب. لم يستطع النظام تقديم أي رواية متماسكة لما حدث بل اكتفى بإرسال رسائل داخلية تنذر بخطر “التضليل الإعلامي” في وقت كانت فيه الحقيقة تُبث على الهواء مباشرة عبر صور المدنيين المذعورين والأشلاء المتناثرة. هذا الانفجار الذي هز العاصمة لم يكن مجرد حدث أمني بل تعبير صارخ عن فشل المنظومة الأمنية التي طالما تباهى بها الحرس الثوري. فالضربات هذه المرة طالت منشآت يُفترض أنها محصنة بل وصل الأمر إلى اتهامات داخلية بتواطؤ أو اختراق أمني من أعلى المستويات.

انهيار العمود الأيديولوجي
منذ تأسيسه بنى نظام ولاية الفقيه شرعيته على ثلاث ركائز العقيدة الثورية الصراع مع الغرب ودعم محور “المقاومة” واليوم تنهار هذه الركائز واحدة تلو الأخرى. فالمظاهرات المتواصلة في المدن الكبرى تهتف صراحة ضد “المرشد” و”الحرس الثوري” والأكثر إثارة هو ما كشفته مصادر أمنية عن رفض عشرات الجنود تنفيذ أوامر إطلاق النار بل والتحاق البعض بالمحتجين. ما جرى في قم وشيراز وأصفهان من اشتباكات دموية بين الأمن والمواطنين لا يشي فقط بغضب شعبي بل بثورة كامنة ضد مؤسسة دينية عسكرية فقدت كل شرعية دينية أو وطنية. حتى الهالة القدسية التي كانت تحيط بخامنئي تبددت أمام مشاهد الشباب الإيراني وهم يطالبون بسقوط النظام لا إصلاحه.

مجاهدو خلق والمجلس الوطني للمقاومة: البديل المنظم
وسط هذا الانهيار تبرز المقاومة الإيرانية بقيادة منظمة مجاهدي خلق والمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية بوصفها البديل الديمقراطي والشرعي لنظام ولاية الفقيه. هذه المعارضة المنظمة التي دفعت أثماناً باهظة من الدم والشتات أثبتت أنها الوحيدة التي تحمل مشروعاً سياسياً واقتصادياً واضحاً يستند إلى برنامج من عشر نقاط يدعو لإيران ديمقراطية غير نووية قائمة على فصل الدين عن الدولة واحترام الحريات. في الداخل تعمل وحدات المقاومة المرتبطة بمجاهدي خلق على توسيع نطاق الاحتجاجات الشعبية وتنظيمها رغم القمع الوحشي وهي تقف اليوم في قلب الانتفاضة تنسق وتوثق وتبث وتزرع الأمل في أوساط جيل شاب كسر حاجز الخوف.

وفي الخارج يواصل المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية بقيادة الرئيس المنتخب السيدة مريم رجوي نشاطه الدبلوماسي والدولي كاشفاً خفايا البرنامج النووي الإيراني ومفضحاً جرائم النظام بحق شعبه. كما نظم المجلس مؤتمرات كبرى في أوروبا والولايات المتحدة شارك فيها عشرات البرلمانيين والسياسيين الذين أكدوا دعمهم لتغيير جذري في إيران بقيادة هذا البديل. مواقف السيدة مريم رجوي تتسم بالثبات والرؤية الواقعية وقدرتها على مخاطبة الداخل الإيراني والمجتمع الدولي بلغة الحقوق والسيادة والتغيير الديمقراطي.

العزلة والعقوبات… ورد الفعل اليائس
في ظل هذا الضغط الشعبي والدولي توقفت المفاوضات النووية وازدادت عزلة طهران. النظام لم يعد قادراً حتى على المناورة بل لجأ إلى سياسة الأرض المحروقة عبر القتل والاعتقالات والإعدامات العشوائية. لكن هذا كله لم يمنع تعاظم الدور الميداني لوحدات المقاومة ولا ثقة الداخل الإيراني بأن التغيير بات قريباً.

خاتمة: لحظة الحقيقة
لقد فشل نظام ولاية الفقيه في تقديم نموذج دولة بل كان نموذجاً سلطوياً كهنوتياً فاسداً. واليوم تنهار أسطورته أمام أمة تتوق إلى الحرية ويبرز في المقابل بديل منظم يمتلك الكفاءة والخبرة والمصداقية بديل اسمه المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية بقيادة الرئيس المنتخب السيدة مريم رجوي. إن ما نراه اليوم ليس سوى بداية النهاية والتاريخ لن يرحم أولئك الذين أصرّوا على إبقاء هذا النظام قائماً رغم فشله كما لن ينسى من حمل راية التغيير في أحلك الظروف.

د. راهب صالح الخليفاوي
حقوقي وباحث في الشأن الإيراني